بيئة ومناخ

تأثير التغير المناخي على الصحة العقلية

قبل عامين، كانت جينيفر نيوال، التي كانت تعمل في مجال بحوث التغير المناخي، تواجه تحديات كبيرة. كانت تقوم بأبحاثها حول ذوبان الصفائح الجليدية وتغيرات مستوى سطح البحر في مناطق مثل القارة القطبية الجنوبية والدول الإسكندنافية والولايات المتحدة الأمريكية. ومع ذلك، أثناء قيادتها لورشة عمل لتوعية أطفال المدارس الابتدائية في غلاسكو، بدأت تتساءل عن دورها في هذا المجال.

تقول جينيفر: “أدركت فجأة أن الفيزياء الأساسية وراء ذلك لم تتغير في حياتي ولن تتغير في المستقبل.”

وأدركت جينيفر أنها بحاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وأنها فقدت الشغف والدافع للاستمرار في دراسة تأثيرات التغير المناخي. قررت تأجيل مسيرتها المهنية لاتخاذ خطوات أكثر فعالية، لكنها واجهت تحديًا هائلاً.

اقرأ المزيد: تغير المناخ: تسجيل 500 حريق غابات في المملكة المتحدة هذا العام

جينيفر تمثل واحدة من بين العديد من الأشخاص الذين يعانون من “القلق البيئي”، وهو شعور مستمر باليأس والخوف من الكوارث البيئية.

توضح جينيفر قائلة: “كنت أشعر بالاكتئاب والقلق. كان لدي شعور بالشلل وكنت في العديد من الأحيان غير قادرة على النهوض من السرير.”

وخلال فترة ما تعرف بـ “الحزن البيئي”، قررت جينيفر، البالغة من العمر 33 عامًا، عدم إنجاب أطفال. تقول: “لا أشعر أنني قادرة على إنجاب أطفال، لأن العالم لن يكون قادرًا على التأق”أكثر من نصفهم يعتقدون أن الإنسانية محكوم عليها بالفناء”.

النشاطات الاجتماعية

وهناك اعتراف متزايد بأن التغيير البيئي لا يؤثر فقط على الصحة الجسدية ولكن أيضا على الصحة العقلية، على الرغم من أنه لا يزال هناك القليل من الأبحاث حول التأثير المعرفي له.

ففي عام 2021، قامت المحاضرة والمعالجة النفسية والباحثة في جامعة باث، كارولين هيكمان، وزملاؤها بفحص بيانات عشرة آلاف شاب، تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاما، يعيشون في 10 دول مختلفة.

وأفاد حوالى نصف الذين شاركوا في الاستطلاع بشعورهم بالحزن والقلق والغضب والضعف والعجز والذنب.

وجدت الدراسة، التي نُشرت في مجلة “لانست بلانتري هيلث”، أنه في حين أن التهديدات التي تواجهها البلدان المختلفة تتنوع، من انعدام الأمن الغذائي إلى التلوث أو الفيضانات، كانت هناك مستويات متشابهة من القلق.

وتقول هيكمان “يعتقد أكثر من النصف أن البشرية محكوم عليها بالفناء، 56٪ في جميع أنحاء العالم، و51٪ في بريطانيا، و73٪ في الفلبين”.

“لذلك هناك المزيد من التقارب في العلاقة. كونك على مسافة منها جسديا لا يحميك من التأثير العاطفي والمعرفي”.

تعتقد هيكمان أن وجود استجابة عاطفية أمر جيد وأنه يجب على الناس القلق بشأن أزمة المناخ.

وتقول “من الصحي أن تشعر بالاكتئاب، وأن تشعر بالحزن، وأن تغضب من هذا الأمر”. ورغم ذلك، تتقدم هيكمان بعض النصائح للتعامل مع القلق المرتبط بأزمة المناخ وتأثيرها على الصحة العقلية. هذه النصائح تشمل:

الاهتمام بالصحة العقلية: يُنصح بأن يكون لديك رعاية جيدة لنفسك عن طريق ممارسة التمارين الرياضية اليومية والحصول على قسط كافٍ من النوم والتغذية السليمة. قد تساعد هذه العادات الصحية في تقوية قدرتك على التعامل مع التحديات النفسية والعاطفية.

اقرأ المزيد: تعرف على المظاهر المناخية المرافقة لليلة القدر

التواصل والدعم الاجتماعي: تجنب العزلة وحاول البقاء على اتصال مع الأصدقاء والعائلة والمجتمع. قد يكون من المفيد الانضمام إلى مجموعات دعم محلية أو عبر الإنترنت حيث يمكنك تبادل الخبرات والمشاعر مع الآخرين الذين يشعرون بنفس التحديات.

تعزيز الوعي والتعليم: قم بزيادة معرفتك حول تأثيرات التغيير المناخي والتدابير التي يمكن اتخاذها للتخفيف منها. قد تساعدك المعرفة على التحلي بالقدرة على التكيف واتخاذ إجراءات إيجابية للمساهمة في مكافحة تغير المناخ.

المشاركة في العمل التطوعي: ابحث عن فرص للمساهمة في مشاريع بيئية محلية أو عالمية. يمكن للعمل التطوعي أن يعطيك الشعور بالفعالية والمساهمة في صنع فرق إيجابي.

تطبيق التغيير على المستوى الشخصي: حاول تبني أسلوب حياة مستدام يقلل من تأثيرك البيئي. يمكنك أن تقوم بذلك عن طريق تقليل استهلاك الموارد الطاقية، واستخدام وسائل النقل المستدامة مثل الدراجات الهوائية أو وسائل النقل العام، وتقليل استخدام المياه والكهرباء، وإعادة التدوير والتخلص الصحيح من النفايات.

العمل السياسي والمشاركة المجتمعية: انخرط في النقاشات والمبادرات السياسية والاجتماعية المتعلقة بالتغير المناخي. قد تكون هناك فرص للتأثير على السياسات والقرارات المتعلقة بالبيئة من خلال المشاركة في النشاطات السياسية والمجتمعية والتواصل مع القادة والمسؤولين.

العمل على تحسين الاستدامة في مجال العمل: بغض النظر عن المجال الذي تعمل فيه، يمكنك اتخاذ إجراءات لتعزيز الاستدامة. قد تتضمن ذلك تقليل استهلاك الورق والطاقة، وتعزيز إعادة التدوير، وتشجيع الزملاء على اتخاذ إجراءات مماثلة.

التفاؤل والتأمل: رغم التحديات التي تواجهنا في مجال التغير المناخي، يجب أن نحافظ على التفاؤل ونتفاءل بأنه بالعمل المشترك والتزامنا يمكننا تحقيق تغيير إيجابي. قم بالتأمل والتركيز على الأمور الإيجابية والتقدم المحرز في مجال حماية البيئة.

يجب أن نتذكر أن التحول إلى مجتمع أكثر استدامة يتطلب جهوداً مشتركة من جميع الأفراد والمجتمعات. عندما نعمل معاً ونتبع هذه النصائح، يمكننا التأثير الإيجابي على التغير المناخي والحد من التأثيرات السلبية على صحتنا العقلية والعالم بشكل عام.

المصدر: بي بي سي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى