مدونة

نحيب صامت على وقع الجنازة

تركيا: هدى بلال 

في بلادنا العربية يتجهز للأديب والشاعر صليبا كبيرا قبل أن ينشر ويشيع أفكاره وكتاباته التي هي عصارة روحه وفكره وما أن يلوح الجهلة والحكام. بعصاهم حتى أن يكون عليه أن يمضي.

لصليبه بصمت وان يموت ألف مرة ومرة مرة من الحزن ومرة من الأسى على محيط من المتعصبين حوله تتلاطم أمواجهم بقوة كما لو أن عاصفة توشك على الهبوب. وتقتلع كل شيء….نعم البلاد هي البلاد لم تتغير. منذ الآف السنين فالحكام هم الحكام وشيوخ السلاطين هم نفسهم شيوخ السلاطين والسيوف هي السيوف ذاتها والمنفى واحد أما في غياهب السجون …أوباطن التراب أوفي اساحيق البلاد البعيدة فسحب الدخان التي غطت الأفق على وقع احتراق نظريات ابن رشد…

هو ذاته الدخان الذي يعمي العيون البصيرة التي أهدرت دماء نزار قباني بعد قصيدة خبز وحشيش وقمر ….هي نفسها التي بكت نزار وأهدته شارعاً في دمشق باسمه ….هي نفسها التي طاردت الماغوط في حله وترحاله ثم أهدته جنازة لائقة ….نعم لايعيش الأديب في شرقنا التعيس إلا بعد موته ….وها هي الجنازات تمضي جنازة تلوى جنازة ولا يحظى أصحابها سوى ….برثاء بسيط على مواقع التواصل الاجتماعي …واختلاق القصص حول الأديب

نعم السكين التي طعنت ..نجيب .محفوظ خوفاً من كتاباته عادت لتكون سيفاً يسلط على رقاب كل كاتب لا يسبح بحمد السلطة ….لا تطابق قناعاته قناعات مشايخ السلطان …نعم بالأمس مرة جنازة الأديب “خالد خليفة” جنازة مهيبة …جنازة تليق بكاتب سوري ….نثر كلماته بذور ضوء في عصر الظلام…

خالد خليفة الذي واجه الاستبداد بتوثيق معاناة السوريين ….عبر سلسلة من الروايات .أهمها لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة التي منعت بعد صدورها بأوامر من النظام السوري التي تدور أحداثها في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينات والتي تتحدث عن وحشية النظام في تعذيب معارضيه النظام المتمثل بالأب ومن ثم رواية الموت عمل شاق تتحدث عن الموت الذي يواجهه السوريين منذ بداية فجر الثورة والعذاب اليومي للسوريين

لمواجهة الموت الذي اعتاد النظام إطلاق أشباحه إلى الشعب السوري بكافة الوسائل من التجويع والاعتقال والنزوح وصولا للهجرة عبر القفار للنجاة منه..

لم يكن يؤلم خالد أن روايته ونبض حروفه منع من الصدور في بلاده إذ أنه كان يقول لو عاش الكاتب في مكان بعيد فإن كلماته أجنحة تطير وتصل لقراءها …نعم مضى خالد إلى مثواه الأخير في دمشق نعاه القاصي والداني من محبيه وقراءه وبقيت كلماته تنبض في صفحات كتاباته تلعن الطغاة في كل حين.

Related Articles

Back to top button