تحاول روسيا، بشتى السبل تقديم إغراءات للسوريين، من أجل تعويم “بشار الأسد” خلال الانتخابات المقبلة.
وبعد أن وضعت موطئ قدم لها في سوريا، تحاول روسيا، إظهار نفسها للعالم على أنّها بالفعل دولة “عظمى” من خلال خلق الاستقرار في المنطقة، باعتبارها الشريك الذي أنقذ رئيس النظام السوري “بشار الأسد” من السقوط، وذلك خلال تدخل قواتها العسكرية في سبتمبر 2015.
ومع اقتراب العدّ التنازلي للانتخابات الرئاسية في سوريا، المقرّر تنظيمها في أبريل المقبل، تحاول “موسكو” إظهار نفسها على أنّها راعية للسلام، لتحديد دورها في البلاد بعد تدخلها العسكري المباشر، لكنها ما تزال تشكّل مصدر قلق للمعارضة السورية.
وعلى الرغم من تأكيد الجميع على أنّ نتائج الانتخابات محسومة مسبقاً لصالح رئيس النظام السروي “بشار الأسد” كسابقتها في عام 2014، إلا أنّ المراقبين اعتبروا تحركات موسكو حالياً، تصبّ في إطار نسجها لصورةٍ عنوانها الاستقرار، ليس فقط من أجل كسب الأصوات، بل لإظهار مناطق سيطرة النظام بأنّها “تريد أن يكون “بشار الأسد” رئيساً له.
بعد أن وضعت موطئ قدم لها، تحاول روسيا، إظهار نفسها للعالم على أنها بالفعل دولة “عظمى” من خلال خلق الاستقرار في المنطقة، باعتبارها الشريك التي أنقذت رئيس النظام السوري “بشار الأسد” من السقوط، وذلك خلال تدخل قواتها العسكرية في سبتمبر 2015
وفي الوقت الذي يرفض فيه المجتمع الدولي تلك الانتخابات الهزلية، إلا أنّ “موسكو” تحاول رسم صورة مستحسنة، لاسيماً أنّ معظم المعارضيين للنظام السوري خارج البلاد، فهذا يعني أنّ “الأسد” سيكون رئيساً لسوريا خلال الانتخابات المقبلة، باعتبار أنّهم “ملاحقين ومطلوبين للمحاكمة، بحسب قانون النظام السوري، الذي ما يزال يلاحق مناهضيه، منذ بداية الثورة السورية عام 2011.
رفض الانتخابات الرئاسيّة
سيكون “بشار الأسد” المرشح الأقوى لتلك الانتخابات، وذلك وفقاً للدستور الذي أقرّه عام 2012، وفي المقابل، فإنّ المعارضة السورية، ترفض تلك الانتخابات، جملة وتفصيلاً، لعدة أسباب، أبرزها عدم الاعتراف بالدستور الحالي (2012)، وانطلاق أعمال “اللجنة الدستورية” السورية، وما سيترتب عليها من نتائج يجب أن تسبق عملية انتخاب رئيس لسوريا.
ومن المقرّر أن تنعقد الجولة الخامسة من “اللجنة الدستورية السورية”، في أواخر يناير الحالي، على أن تناقش أطرافها “المبادئ الدستورية”، والتي ستؤسس لكتابة الدستور الجديد لسوريا، لكن هذه الخطوة تصطدم بما أعلن عنه مؤخراً نظام الأسد، حيث نفى أي علاقة تربط مخرجات “اللجنة الدستورية” مع الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وسبق أن أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، رفضها القاطع لتلك الانتخابات، التي يحضّر لها الأسد وروسيا معاً، كما أنّ الاتحاد الأوروبي، يعارض وبشدة “الانتخابات الرئاسية السورية”.
وكان قد صرّح سابقاً “جوزيف بوريل”، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، أنّ “الانتخابات ذات المغزى في سوريا، هي فقط تلك التي تُجرى على أساس دستور سوري جديد، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2254”. وأردف “بوريل” أنّ “الانتخابات التي تنظم وفق القرار الأممي، من شأنها أن تكون بمثابة فصل افتتاحي جديد بالنسبة للبلد وشعبه”.
التحضير للحملة الإعلانيّة للانتخابات الرئاسيّة
كشف مصدر مقرّب من أحد أمناء الفروع الحزبية في سوريا لموقع “الحرة”، أنّ الإدارة السياسية في “الجيش السوري” بدأت، منذ قرابة أسبوعين، الترويج للانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، من خلال إصدار تعميمات وصلت إلى معظم القطع العسكرية، تفيد بـ”ضرورة الوقوف إلى جانب القائد بشار الأسد في الاستحقاق الانتخابي المقبل”.
وأضاف المتحدّث، أنّ مضمون تلك التوجيهات، “بشار الأسد هو الأب الروحي لسوريا وأملنا ويجب الوقوف إلى جانبه
في الفترة الحالية، والسعي من أجل إنجاحه في الانتخابات المقررة، في أبريل المقبل”.
وأشار المتحدّث، الذي رفض الإفصاح عن اسمه للمصدر، إلى أنّ الترويج لتلك لانتخابات الرئاسية بدأته أيضاً أفرع “حزب البعث الاشتراكي”، في جميع المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة النظام السوري، من بينها حمص، التي شهدت من أسبوع انعقاد عدة اجتماعات لبحث الحملات الخاصة بالانتخابات.
ونتيجة الأزمة الاقتصادية في البلاد التي يعيشها المواطنون السوريون، المتمثّلة بنقص مادة المحروقات والغلاء الفاحش، إضافة إلى نقص مادة “الطحين”، مما تسبب بأزمة كبيرة على الأفران، بالتزامن مع فيروس كورونا، لم تشهدها أوساط المدن السورية حتى الآن، كاللافتات التي تحمل الصور الترويجية للأسد، على الرغم من “التوجيهات الداخلية” المذكورة، وسبق أن فاز بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية في عام 2014، على الرغم من استمرارية الثورة السورية.
إغراءات الروس لأهالي الجنوب السوري
صرّحت “موسكو” للولايات المتحدة الأمريكية، ولدول الاتحاد الأوروبي، أنّ عدم الاعتراف بالانتخابات الرئاسية السورية، يقوّض الأداء المستقرّ للمؤسسات الرسمية في الدولة السورية، كما أنّ “روسيا”، الحليف الرئيس للأسد، بدأت تحاول إقناع بعض الدول من خلال الاعتراف بتلك الانتخابات.
وفي تصريحات متناقضة جداً، أكد نائب وزير الخارجية الروسي، “سيرغي فيرشينين”، لوكالة “نوفوستي”: “في المحافل الدولية بشأن التبني العاجل لدستور جديد، وعدم الاعتراف بالانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا، وهذا يعني عملياً حرمان السوريين من حق انتخاب “رئيسهم الجديد”، وفي نفس الوقت يقوضون استقرار عمل مؤسسات الدولة السورية”.
وتزامنت تصريحات “روسيا” مع بدء تحركاتها العسكرية داخل الأراضي السورية، منذ أسبوعين، في مناطق الجنوب السوري، حسب ما قال مصدران من ريف دمشق ودرعا في تصريحات لموقع “الحرة”.
وشهدت بلدة “كناكر” بريف “درعا”، يوم الجمعة الماضي، اجتماعاً بين ضابطين روسيين وأعضاء من “اللجنة المركزية” (لجنة محلية)، وطُرحت فيه عروض روسية لأهالي البلدة، تتضمن حل جميع المشاكل التي يواجهونها، إلى جانب الشروع بإخراج المعتقلين في سجون نظام الأسد، وتضمنت المطالب أيضاً، إغراءات بتقديم مساعدات إنسانيّة لأهالي البلدة، مقابل “الحصول على أصوات المجتمع في الانتخابات المقبلة، لصالح “بشار الأسد”.
وقال أحد الضباط الروس، (برتبة لواء)، والذي عرّف نفسه في بداية الاجتماع بأنّه قدم إلى سوريا بـ”مهمة خاصة”: “مستعدّون لإخراج المعتقلين بالمئات أو ربما بالآلاف، ولحل جميع المشاكل بشكل كامل، شرط تحقيق الاستقرار في الفترة المقبلة، وكسب أصوات الأهالي”.
الجدير بالذكر، أنّ ملف المعتقلين في سوريا يعتبر من أهم القضايا الشائكة، ولم يقدّم فيه نظام الأسد وحلفاؤه أي تنازلات، في السنوات العشر الماضية، على الرغم من الدعوات الدولية بضرورة إطلاق سراحهم، والذين تفوق أعدادهم 250 ألف معتقل، تم توثيقهم بالأسماء.
اقرأ أيضاً:معالم من مطارات العالم
هذا وشهدت مناطق الجنوب السوري عقد مصالحات مع النظام السوري، لعودة سيطرة نظام الأسد عليها بموجب اتفاقيات “تسوية”، منذ عام 2018، وحين تم توقيعها، كان أبرز بنودها الإفراج عن المعتقلين، وهو الأمر الذي التفّ عليه النظام السوري وأفرعه الأمنية، واتجهوا إلى فعل عكسي باعتقالات جديدة، طالت مدنيين بتهم مختلفة.
اقرأ المزيد: سقوط الدراما السورية في الامتحان الاخلاقي
وكانت تقارير عدة، قد تحدثت عن موافقة “روسية” على تشكيل مجلس عسكري سوري، بعد تداول تسريبات عن مقترح تقدمت به كل من منصتي القاهرة وموسكو إلى روسيا، لتشكيله، ويتكون من ضباط من المعارضة والنظام يترأسه العميد مناف، نجل وزير الدفاع الراحل مصطفى طلاس، لقيادة المرحلة الانتقالية.
وبحسب الدستور الذي أقرّه “بشار الأسد”، في عام 2012، بعد اندلاع الثورة السورية، سيخوض الانتخابات الرئاسيّة من أجل الفوز بالفترة الرئاسيّة الثانية دستوريّاً، الذي تسلّم السلطة ورثه عن أبيه عام 2000، بعد وفاة الرئيس السابق “حافظ الأسد”.
ميديانا – خاص